مُراجَعةُ حياة وخُروج مِنَ الحَظْر
مُراجَعةُ حياة وخُروج مِنَ الحَظْرإنَّ الأَسَابِيعَ الْمَاضِيةَ الّتي عِشنَاهَا غَيَّرَتِ الكَثيرَ مِن تَفاصِيلِ حَياتِنا: عَادَاتِنَا وعِلاقَاتِنَا، إيقَاعِ حَيَاتِنَا والتِزَامَاتِنَا، وأَشيَاءٍ أُخْرَى كَثيرة. إلا إنَّ أَحَدَ كُنُوزِ الرُوحَانيّةِ الإِغناطِيَّة هِيَ أَنْ نَتَعَلَّمَ أَنْ نُمَيِّز، أَي أَنْ نَقُومَ بِاخْتِيَارَات: اِختِيَارَات في سَبِيلِ النُمُوّ، اِخْتِيَارَات لِنَصِيرَ أَكْثَرَ فَأَكثَر مَا نَحْنُ مَدْعُوونَ إلى أَنْ نَكُونَهُ: بَنَاتً وأبْنَاءً لله، أُناساً يَحْمِلُونَ بُشْرَى الخَبَرِ السَار عَلَى خُطَى الرُّسُلِ ومِثالِهِم.في بِدَايَةِ هَذا الوَقتِ مِن الصَلاة، أَضَعُ نَفسِي فِي حُضُورِ اللهِ الّذي يَنْظُرُ نَظْرَةَ حُبٍ لي، ولِمَنْ حَوْلِي، ولِلخَلِيقَةِ كُلِّهَا. أَعْطِني يا رَبُّ أَنْ أَتَقَدَّمَ أَمَامَكَ بِكُلِّ مَا أَنَا عَليْهِ، بِكُلِّ مَا عِشْتُهُ في هَذِهِ الفَترَةِ مِنَ الحَظْر، لأَستَطِيعَ مَعَكَ أَنْ أَكْتَشِفَ كَنْزَ هَذِهِ الفَتْرَةِ الْمُربِكة. بِاسمِ الآبِ والاِبْنِ والرُّوحِ القُدُس آمين.خِلالَ الأَسَابِيعِ الْماضِية، وبِسَبَبِ الحَظْر، اِكْتَشَفْتُ أُمُورًا، واستَطَعْتُ أَنْ أَضَعَ إيقَاعًا جَدِيدًا لِيَوْمِي، ورُبَما أيضًا اِسْتَعَدْتُ أُمُورًا كُنْتُ قَدْ تَرَكتُها بَعْضَ الشَيْء: عِلاقَتي مَعَ نَفْسِي، عِلاقَتِي مَعَ الله، عِلاقَتِي مَعَ الآخَرين، وكَذَلِكَ عِلاقَتي بِالأَشياء.مَعَ الرَّبِّ، أَنْظُرُ إلى أَيَامِي الْماضِية وأُدْرِكُ اِكْتِشَافَاتِي.وأَنَا أَجْنِي هَذِهِ الثِمارَ الّتي تَتَبَادَرُ إلى ذِهْنِي، أَنْظُرُ مَعَ الرَّبِّ إلى مَا أُريدُ أَنْ أَحتَفِظَ بِهِ لأَيَامِي القادِمة. وإنْ كَانَ يَجِبُ أَنْ أُبقِيَ عَلى شَيءٍ وَاحِدٍ لأَنْطَلِقَ بِهِ، فَمَاذَا يَكون؟ كَيْفَ أَضَعُهُ في الْمَكَانِ الصَحِيحِ فِي حَيَاتِي؟ مَا الأُمُورُ الّتي أُريدُ أَنْ أَحْتَفِظَ بِها ومَا هِيَ الوَسائِلُ الّتي مِن الْمُمكِن أَن تُساعِدَني عَلى ذَلِك ؟ نَعَم يَا رَبّ، أَعطِني الجُرأَةَ كَي أَعْرِفَ كَيْفَ أَخْتَارُ مَا هُوَ أَثْمَنُ قِيمَةً في حَيَاتِي.إنَّ الأَيَامَ الأخيرة كانت أَيضًا خِبْرَةً قَاسِيةً إِذ شَعَرتُ بِافتِقادِي لِأَشياءٍ كَثِيرة: اِفتِقَادٍ للعِلاقَات... لِعِلاقَاتي مَعَ أَصدِقائي، مَعَ زُمَلائي في العَمَل، أَوِ عِلاقَاتي البَسيطَة اليَوْمِيّة، شُعُورِي بِالاِحتِيَاجِ لِبَذلِ مَجهُودٍ بَدَنِيٍّ أَكبر، عَدمِ استِطَاعَتِي القِيَامِ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَفعَلَهُ، اِفتِقَادِي لِلأَسرَارِ الْمُقَدَّسَةِ الّتِي تُغَذِّي حَياتي الإِيمَانِية.مَعَ الرَّبِّ، أَنْظُرُ إلى أَيَامِي الْمَاضِيةِ وأَعِي مِقدَارَ كُلِّ هَذِهِ الأُمورِ الّتي افتَقَدْتُها وكَيفَ أَثقَلَنِي هَذا الشُعُور.وأَمَامَ هَذِهِ الأُمورِ الّتي افتَقَدْتُها والحَاضِرَةِ فِي ذِهني الآن ، أَنْظُرُ مَعَ الله - مِن جِهَةٍ - إلى الأَشياءِ الّتي أَثَّرَت فِيَّ أَكثَرَ مِنْ غَيْرِها والّتي أَرْغَبُ بِشِدّة فِي أَنْ أَمْتَلِئَ مِنْها، ومِنْ جِهَةٍ أُخْرَى - إلى الأَشياءِ الّتي لَم تُثقِلْ عَليَّ فِي نِهَايَةِ الأَمر. هَلْ كَانَ هَذَا الوَقتُ مِن الحَظرِ فُرصَةً لِتَخْفِيفِ ثِقَلٍ فِي حَيَاتِي؟ بِوَدَاعَةٍ وهُدُوء أُقَدِّمُ لِلرَّبِّ مَا يَبْدُو لِي غَيرَ ضَرُورِيّ وأَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُسَاعِدَنِي عَلَى التَقَدُّمِ للأَمام.إنَّ الأَزمَةَ الّتي نَعْبُرُ فِيهَا تُذَّكِرُنَا - مَعَ الأَلَم - بِالعِلاقَةِ الْمَغْلُوطَةِ بَيْنَ الإنسَانِ والخَلِيقَة، وبَيْنَ البَشَرِ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ الآخَر. وكَمَا يُذَّكِرُنَا البَابَا فَرنسيس فِي رِسَالَتِهِ "كُنْ مُسَبِّحًا" إنَّ التَحَوْلَ إلى مَفْهُومٍ مُتَكَامِلٍ للبِيئَةِ يَبْدَأُ بِاهْتِدَائِنَا الشَخْصِيّ، بِتَغييرِ مَوَاقِفِنَا وسُلُوكِيَاتِنا.إلامَ أَنَا مَدْعُوّ؟ إلى أَيَّةِ مُشَارَكَةٍ، إلى أَيِّ تَنَازُلٍ، إلى أَيَّةِ شَجَاعَةٍ، لِكَي أَعيشَ هَذَا التَصالُحَ مَعَ الطَبِيعَةِ وبَيْنَ البَشَر؟فِي نِهَايَةِ صَلاتِي، وبِكُلِّ أَفْكَارِي، أُوَجِهُ حَديِثي إلى يَسوعَ كَصَدِيقٍ يَتَحَدَّثُ مَعَ صَدِيقِهِ، كَتِلمِيذٍ مَعَ مُعَلِّمِهِ. أَعْطِني يَا رَّبُّ أَنْ أَتَعَلَّمَ شَيئاً جَدِيدًا مِن هَذِهِ الخِبرَةِ الّتي عِشْنَاهَا.أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسْ اسْمُكَ! لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ! لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ!خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْم!وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أيضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا!وَلَا تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّير، لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَد. آمِين.